أحزاب و نقاباتأخبار

المنظمة الديمقراطية للشغل تطالب الحكومة بالزيادة في الأجور

  مراسلة – حسن لكحل

النضال من أجل زيادة عامة في الأجور والعدالة الضريبية بتخفيض الضريبة على الأجر ومن أجل شغل لائق كريم ومستقر في اليوم العالمي للعمل اللائق

             يعتبر العمل اللائق باجر لائق أحد أهم المقومات الرئيسة للحياة وحقا من حقوق الإنسان وعاملا محددا للكرامة الإنسانية وأساس التنمية الإنسانية، كما يعتبر الأجر اللائق مصدر الدخل الوحيد للأغلبية الساحقة من العمال والعاملات، كما يشير مفهوم العمل اللائق إلى تعزيز الفرص للجميع للحصول على فرص عمل منتجة في ظروف من الحرية والمساواة والأمن والكرامة .. وهو أهم تحدي تواجهه منظمة العمل الدولية لخلق فرص عمل لائق مستقر شريف وكريم والأجور العادلة اللائقة والحماية والضمان الاجتماعي، ومأسسة للحوار الاجتماعي والمفاوضات الجماعية، واحترام الحريات النقابية وحق الإضراب، والتمتع بكل الحقوق والامتيازات بأبعاده الاقتصادية والاجتماعية والإنسانية، ومحاربة الفقر والهشاشة، وهي أسس الاستقرار والسلم الاجتماعي  

         العمل اللائق ينبني على مبادئ وحقوق إنسانية أساسية وأهداف وأوليات إستراتيجية، و وفق معايير منظمة العمل الدولية، وهدف من أهداف التنمية المستدامة، حيث يسعى الهدف  إلى “تعزيز النمو الاقتصادي المطرد والشامل للجميع والمستدام، والعمالة الكاملة والمنتجة، وتوفير العمل اللائق للجميع” ويشمل الهدف، بالنسبة لمنظمة العمل الدولية، الأولويات التالية:

-تحقيق العمالة الكاملة والمنتجة وتوفير العمل اللائق و  تقليص فجوة الأجور بين الجنسين وبطالة الشباب

– إنهاء جميع أشكال عمل الأطفال وإضفاء الطابع الرسمي على الاقتصاد غير الرسمي

– تشجيع المقاولات الصغرى والصغيرة جدا والمتوسطة، و حماية حقوق العمل وتعزيز بيئات عمل توفر السلامة والأمن للعمال 

– حماية حقوق العمال المهاجرون وأسرهم، ويعتبر الأجر اللائق من صميم استراتيجيات الحد والقضاء على الفقر والفوارق الاجتماعية، بل هو وسيلة لتحقيق التنمية المستديمة والمنصفة داخل المجتمعات، ويقتضي النمو الاقتصادي المستدام أن تعمل المجتمعات على تهيئة الظروف التي تتيح للناس الحصول على فرص عمل جيد تحفِّز الاقتصاد دون الإضرار بالبيئة

        في هذا السياق، كشفت جائحة كورونا كوفيد – 19 عن استمرار انعدام فرص العمل اللائق بالمغرب، مقابل تفشي وانتشار ظاهرة الاقتصاد غير المنظم، الذي يشغل أزيد من 30 ٪ من اليد العاملة المغربية، ويستقطب عشرات الآلاف من الشباب، الذين لا يجدون فرص عمل في القطاع المنظم، أمام قلة وضعف مناصب الشغل، أوانعدامها في بعض المجالات الحيوية أو حتى في القطاع العام، وارتفاع حجم البطالة والهشاشة الذي تجاوز 12 في المائة، و40 % لدى حملة الشهادات الجامعية والتقنية، إضافة إلى ارتفاع الشغل بعقود محددة المدة، و العمل الموسمي وغير المستقر، و استمرار ظاهرة تشغيل الأطفال (  148 ألف طفل حسب المندوبية السامية للتخطيط، تتراوح أعمارهم ما بين 7 و 17سنة )، رغم مصادقة المغرب على الاتفاقية الدولية  (الاتفاقيتين عدد 138 و182) .. لكن، الحكومة لازالت تتهرب من المصادقة على الاتفاقية الدولية رقم 87، المتعلقة بالحريّة النقابيّة والمفاوضات الجماعيّة، ومن تنفيذ الاتفاقية رقم 98 وإلغاء الفصل 288 من القانون الجنائي المغربي، كما لاتزال الشريحة الكبرى من العمال والعاملات ببلادنا تعاني من سلبيات الشغل غير اللائق، وما يصاحبه ويتبعه من ظروف عمل شاقة ومحفوفة بالمخاطر، وفقدان وسائل الوقاية والصحة والسلامة المهنية، وضعف التعويض عن حوادث الشغل والإمراض المهنية

     هذا فضلا، عن ظاهرة التفاوتات الكبيرة على مستوى الأجور والتعويضات، حيث تصل الفوارق إلى أزيد من 100 مرة الحد الأدنى للأجر الذي حددته الحكومة في  3500 درهم بالنسبة لموظفي القطاع العام و 2970  درهم إجمالي  في قطاعات الصناعة والتجارة والمهن الحرة، و 2193  درهم إجمالي في القطاع الفلاحي والزراعي، وذلك تنفيذا  لاتفاق 30 ابريل 2022، كما تظل وبخصوص التفاوتات في الأجور، تظل النساء العاملات في القطاع الخاص  والاقتصاد غير المهيكل تحصلن على أجور أقل بكثير من الرجال, حيث تصل نسبة الفرق  إلى  40 في المائة، علاوة على ضعف الحماية الاجتماعية في القطاع الخاص

          في إطار العدالة الأجرية بالمغرب لا يزال  نحو مليون  و318 ألف و600 أجير وأجيرة المنخرطون في الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، لا يحصلون على الحد الأدنى للأجر المعمول به قانونا قبل دخول الزيادة الحالية لشتنبر 2022  إلى حيز التنفيذ .. من بين  3.47 مليون أجير ( 1.1 مليون نساء و 2.3 مليون رجال )  المصرح بهم لدى الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي،  كما أن 23 % من المتقاعدين والمتقاعدات بالصندوق الوطني للضمان الاجتماعي يحصلون على أقل من 1000 درهم كمعاش تقاعدي، علاوة على أن ملايين من العمال والعاملات بالقطاع غير المهيكل يعيشون بأجور هزيلة لا تضمن لهم العيش الكريم والحماية ضد الوقوع في براثين الفقر والهشاشة  .. بجانب كل هذا يظل عشرات الآلاف من شبابنا وضمنهم حاملي الشهادات الجامعية والتقنية تعاني من ويلات البطالة المزمنة وآثارها السلبية، وهي العوامل التي تدفعهم مرغمين لضرورات الحياة وقساوة العيش على القبول  بالشغل غير اللائق ومساوئه، أو التوجه نحو الهجرة السرية

كما أن عدد من المقاولات والشركات في القطاع الزراعي والخدمات لازالت تنتهك حقوق العمال والعاملات على مستوى الأجور والحماية الاجتماعية، و رفض تسجيلهم في  صندوق الضمان الاجتماعي، ونتيجة  ارتفاع معدل التضخم وما ينتج عنه من ارتفاع أسعار الطاقة والمواد الغذائية والضروريات الأساسية للعيش، انخفض المستوى المعيشي للعمال والعاملات بشكل كبير وصلت إلى مستوى خطير يهدد بدفع آلاف العمال والعاملات إلى الفقر والهشاشة وهو ما جعلنا نرفض نتائج الحوار الاجتماعي لنتائجه الهزيلة،   حيث أنه في الوقت الذي كانت فيه الطبقة العاملة المغربية تنتظر فيه  زيادة عامة في الأجور و معاشات التقاعد، وفرض تعميم الحماية الاجتماعية على جميع المقاولات والشركات والوحدات الفلاحية  والزراعية، وتحقيق العدالة في الأجور، جنبًا إلى جنب مع الحماية الاجتماعية الشاملة، التي تدخل في صميم النموذج التنموي الجديد، أو العقد الاجتماعي الجديد الذي يحتاجه المغرب بشدة لضمان الأمن  الغذائي والمالي للأسر المغربية، وضمان اقتصاد مستدام ..  

وبالتالي، على الحكومة المغربية

 * سن سياسة اقتصادية واجتماعية وتعليمة توفر فرص الشغل اللائق واستقراره، وأجر لائق للشباب المغربي العاطل، في إطار تصور ورؤية شمولية، بعيدا عن سياسة الارتجال والمشاريع الترقيعية المحدودة جدا، وبأجرة هزيلة  “كبرنامج فرصة ” أو التشغيل الذاتي، دون دعم حقيقي، أو قروض أمنة من الأبناك

* اعتماد قوانين تفرض على المقاولات الوطنية والأجنبية الانخراط  في مسلسل التصريح بأجرائها لدى مؤسسة الضمان الاجتماعي، وفق معطيات حقيقية و صحيحة وضمان استفادتهم من الحماية الاجتماعية والوقاية من حوادث الشغل والأمراض المهنية

 * احترام مبدأ المساواة والقضاء على كل أشكال التمييز ضد المرأة ومنع تشغيل الأطفال

* المصادقة على مختلف الاتفاقيات الدولية المتعلقة بالشغل اللائق والحماية الاجتماعية وحرية ممارسة العمل النقابي، وخاصة الاتفاقية الدولية رقم 87

* الحفاظ على استقرار الشغل بالقطاع العام والخاص بإدماج الأساتذة المتعاقدين في النظام الأساسي لموظفي التعليم،  والسهر على ضمان الشغل اللائق باحترام مقتضيات مدونة الشغل لاعتماد العقود غير محددة المدة، وحقوق العمال في الاستمرار في العمل باعتباره يشكل مصدر رزقهم،  وتحسين مستواهم المعيشي والمهني، وتقوية كفاءتهم المهنية

* إعادة هيكلة قطاع التشغيل و إداراته الجهوية، ومراجعة النظام الأساسي لمفتشي الشغل، وتحسين أجورهم، و الرفع من التعويضات وتفعيل دور المرصد الوطني للتشغيل، وجعل وكالات التشغيل والكفاءات تلعب دورها المطلوب في تسجيل العاطلين الراغبين في العمل بمختلف الأقاليم  والجهات، والتواصل مع الشركات والمقاولات لتوجيهها حسب الحاجيات والتخصصات، وتنزيل الفصل الثامن من الدستور لتنظيم الحقل النقابي الوطني، وسحب مشروع قانون ممارسة حق الإضراب من البرلمان

        * الإسراع  بتنزيل آليات تعميم الحماية الاجتماعية والتأمين الإجباري الأساسي عن المرض باحترام بنود قانون الإطار, في استفادة المنخرطين من التغطية الصحية واسترجاع نفقات العلاج المتوقفة والمتعثرة اليوم بالصندوق الوطني الضمان الاجتماعي، بسبب عدم توصل هذه المؤسسة  بانخراطات المهنيين من إدارة الضرائب، وهو ما يحرم المهنيين من حقوقهم في التغطية الصحية، وضمان تعميم الحماية الاجتماعية على العمال المهاجرين المقيمين  بالمغرب

 * سن سياسة عمومية  اجتماعية  واقتصادية سليمة تستند إلى الحقوق الاجتماعية والحوار الاجتماعي، وترتقي بالمساواة بين الجنسين وعدم التمييز، وتركز على الأجر اللائق  باعتباره عنصراً أساسياً ضمن استراتيجيات التنمية المستدامة الوطنية، وضمان العيش الكريم للمغاربة من خلال توزيع عادل للثروات والعدالة الضريبية، والحد من ارتفاع الأسعار ومراجعة قانون حرية الأسعار والمنافسة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق